هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الأردنية الإسرائيلية عودة تدريجية إلى سابق عهدها، بعد سنوات من التوتر خلال حقبة رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو، فقد أكدت أوساط إسرائيلية أن الأردن هو مفتاح تعميق الاتفاقيات التطبيعية، والهدوء الأمني في الضفة الغربية.
كاسينيا سفيتلوفا المستشرقة وعضو الكنيست السابقة، ومديرة برنامج العلاقات بين إسرائيل والشرق الأوسط في معهد ميتافيم للعلاقات الإقليمية، أشارت إلى التحول في العلاقات بين تل أبيب وعمان، "بعد طي صفحة نتنياهو الذي توترت علاقته بالقصر إلى درجة العداء".
وأضافت في مقالها بصحيفة هآرتس، ترجمته "عريي21" أن "الأردن وإسرائيل يبديان رغبتهما بوضع خطة غذائية مشتركة، أو في مجال الطاقة، أو في الكفاح المشترك ضد الإسلام الراديكالي، أو منع تهريب الأسلحة، أو استقرار الوضع في السلطة الفلسطينية، خاصة أن لديهما حدودا مشتركة طويلة، وكلاهما يريد الهدوء".
وتابعت بأن "العنصر الأساسي في تجدد علاقتهما يكمن في إمكانية أن تستفيد تل أبيب من العلاقات مع عمان من خلال علاقاتها الجديدة مع دول التطبيع".
وأوضحت أن "هذه خطوة مهمة للغاية، لأن الارتباط الإسرائيلي الكبير بالأردن يمنح اتفاقيات التطبيع عمقا جيو-سياسيا، لكن الوضع في الأردن معقد للغاية، فقد قرر الملك عبد الله قبل أسبوعين عدم إرسال وزير خارجيته إلى قمة النقب، حتى لا يزعج المعارضين في بلاده، وشق طريقه إلى رام الله لمحاولة تهدئة العاصفة القائمة، فيما تفهمت إسرائيل هذا السلوك، بل إنها ترى في وساطة عبد الله قيمة كبيرة، نظرا لعلاقة الأردن بالأماكن المقدسة في القدس".
اقرأ أيضا: الأردن يدعو إسرائيل لاحترام الأقصى ووقف الاستفزازات
وأشارت إلى أن "الاعتقاد الإسرائيلي أنه من خلال الدبلوماسية الهادئة في عمان، سيتم إيجاد طريقة لمنع انفجار التوتر حول المسجد الأقصى والضفة الغربية خلال موسم الأعياد اليهودية، لأنه قبل عام عندما اندلعت معارك حقيقية في الأقصى، نزل آلاف الأردنيين إلى الشوارع، وصل بعضهم لمنطقة الحدود، وطالبوا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وطرد سفيرها من عمان، مما يؤكد أن الملك الأردني قلق للغاية من تدهور الوضع الأمني في الأراضي الفلسطينية".
وكشفت عن "حصول لقاءات عديدة بين المسؤولين الأردنيين والإسرائيليين لتكوين تفاهم وتعاون لمنع المزيد من الاضطرابات، رغم الغضب الأردني، والشعور بالخداع والعزلة، حين علموا عن وجود مخطط إسرائيلي أمريكي ضدهم بشأن نقل الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس للسعودية، ولذلك لم يكن الأردنيون متحمسين للاتفاقيات التطبيعية، لأنهم خشوا أن المكان الخاص لهم كجسر بين إسرائيل والعالم العربي آخذ في التآكل، وأن الاتفاقيات قد تضرهم والفلسطينيين معاً".
وأوضحت أن الأردن يعلم جيدا أن أي هزة في الضفة الغربية، أو تغييرات مستقبلية للحكم فيها، ستضر بشكل كبير بالنظام الملكي، بينما في منطقة الخليج لن يشعروا بها، وهنا يكمن الاختلاف الأساسي بين النهجين الأردني والخليجي للعلاقات مع إسرائيل، التي بدأت تحسين العلاقات مع عمان، ورممت انعدام الثقة الأساسي بينهما، وأظهرت لأول مرة منذ فترة طويلة استعدادها للتعاون الحقيقي معها، وصولا لأن يتمتع الأردن بثمار التطبيع بتشجيع المشاريع الاقتصادية التي تؤتي ثمارها للجميع، خاصة اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء".
وأضافت أن "الأردن جدد مكانته كشريك أمريكي مهم في مواجهة "الإسلام الراديكالي" في الشرق الأوسط، وصولا لأن ينقل جو بايدن قاعدة عسكرية أمريكية من قطر إلى الأردن، مما أحدث تغييرا إيجابيا نحو اتفاقيات التطبيع، وخيار تطوير التعاون مع إسرائيل، التي ترى أن احتضان الأردن له أهمية كبيرة فيما يتعلق بالقدرة على تهدئة الفلسطينيين، ولعل الوضع الاقتصادي الصعب في الأردن يتوافق مع تدهور الوضع الأمني في مناطق السلطة الفلسطينية".
وأوضحت أن "عمان تراقب بقلق الاضطرابات السياسية المحيطة بالحكومة الإسرائيلية، وتأمل ألا تضر العاصفة الحالية بنسيج العلاقات الحساس الذي نشأ معها، رغم أن احتضان إسرائيل للأردن سياسيا واقتصاديا لن يؤدي لنتائج طويلة الأمد ومستقرة على صعيد تغيير في الرأي العام العدائي الأردني تجاه إسرائيل، ورغم الدفء السياسي الكبير، فمن المهم أن نلاحظ أنه على مستوى المجتمع المدني ظلت العلاقات مع إسرائيل مجمدة، فقد بقي العداء كما كان، وربما اتسع، مما يستدعي من إسرائيل والأردن الانتباه لذلك".